دماغ السيسى

**نجم اللبان** الثلاثاء سبتمبر 10, 2013 12:32 am

يصح لنا اعتبار الفريق أول «عبدالفتاح السيسى» شخصية «استثنائية»، وأقصد بهذا الوصف أنه خلافاً للشخصيات التى تتفاعل داخل المشهد السياسى المصرى، يتمتع بالعديد من السمات والمميزات التى يفتقر إليها غيره. أول هذه السمات أنه شخص محدد الهدف، قادر على رسم الخطط، وامتطاء الوسائل التى توصله إلى هدفه، والأخطر من ذلك عدم التردد، وتوافر سمات القائد فى شخصه. وفى تقديرى أن شخصية «السيسى» تلخصه عبارة أنه «رجل يذاكر وسط مجموعة من «التلامذة» المهملين»!

تشير بعض الشخصيات التى حضرت لقاءات التفاوض بين القوى السياسية والمجلس العسكرى برئاسة المشير «طنطاوى» بعد ثورة يناير إلى أن «السيسى» -وكان حينذاك عضواً بالمجلس- لعب دوراً مهماً فى صياغة مشهد نقل السلطة إلى رئيس جديد عقب الإطاحة بـ«مبارك»، ورغم أن الرجل كان فاعلاً أساسياً فى إدارة المشهد، فقد كان أقل أعضاء المجلس ظهوراً على المستوى الإعلامى. ويبدو أن «السيسى» من هذا الطراز من الشخصيات القادرة على وضع الرأى الذى تريده على لسان الطرف الذى تتفاوض معه، ليظهر وكأنه رجل محايد لا يتدخل فى صناعة القرار! لقد كان مشهد التفاوض على الحكم بعد ثورة يناير يؤشر إلى تصدر نوعين من الشخصيات له: أولها شخصيات ثورية تشعر بالارتعاد من فكرة حمل المسئولية، وتريد السلطة دون ثمنها وضريبتها المعلومة، وشخصيات إخوانية مصابة بالرعونة والتسرع إلى حمل «الشيلة» دون حسابات، وسط هذا الزخم البشرى بدا الفريق «السيسى» فى صورة «الرجل الأقوى»، على مستوى النخبة التى التقت به واستوعبت شخصيته.

لم يكن السياق يسمح لـ«السيسى» ولا لغيره من القيادات العسكرية بالظهور والصعود بعد ثورة 25 يناير، فى ظل هتاف بعض الشباب الثورى فى الشوارع بسقوط حكم العسكر، فسارت الأمور فى مجراها الذى يقتضيه السياق ليصعد الخصم الأبرز لنظام مبارك إلى مقاعد السلطة، ويصبح «محمد مرسى» رئيساً للجمهورية، وبعدها بأيام معدودات صعد «السيسى» إلى منصب وزير الدفاع. وقد تمثل الهدف الرئيسى بعد وصوله إلى هذا المنصب فى ترميم نفسية جنوده وتصحيح صورة القيادات العسكرية القديمة التى وقعت فى أخطاء عديدة خلال المرحلة الانتقالية، أظن أن «السيسى» كان يدركها تماماً ويعترف بها، والدليل على ذلك مسارعته إلى الحديث عن تطوير أداء الجيش المصرى، ودوره فى حماية الأمن القومى، وتصدرت صوره -وهو يتدرب مع جنوده- وسائل الإعلام المختلفة.

كان «السيسى» يتحرك بثقة تتأسس على فهم عميق لجماعة الإخوان، ووعى كامل بقدرات «مرسى»، وتحليل للمشهد يؤكد أن الكرة ستصل إليه سريعاً. وقد أدرك «الفريق» أنه نجح فى إعادة صورة القوات المسلحة إلى سابق رونقها على المستوى الشعبى فى اللحظات التى خرجت فيها نخب وقطاعات شعبية تطالب الجيش بالتدخل خلال الأشهر الثلاث الأخيرة من حكم «مرسى». وقتها كان «السيسى» يتدلل على الجميع، ويطلب منهم اللجوء إلى صندوق الانتخابات، وكأن لسان حاله كان يقول «مش انتم اللى انتخبتم الإخوان»، لكن الأمر الواضح لحظتها أن «السيسى» تأكد أن رد الاعتبار للجيش قد تم، وحينها لم يتردد فى التقاط الكرة التى وصلت طائعة إليه!