انا ضد حكم الاخوان

**نجم اللبان** الأربعاء أكتوبر 16, 2013 10:28 pm

أقرب طريق لخلع حكم الإخوان هو حركة الشارع، وأترك الباقى للإخوان، فأكبر عدو لحكم الإخوان هو تنظيم الإخوان.

وربما تجدر الإشارة إلى شىء مهم جدا، وهو أن المقصود بالإخوان ـ فيما أكتب ـ هو قيادة تنظيم الإخوان، وهم ـ بالدقة ـ أعضاء مكتب الإرشاد وغالب عضوية مجلس شورى الإخوان، ففى تنظيم الإخوان مئات الآلاف من العضوية القاعدية والقيادات الوسطى، وهؤلاء لا ذنب لهم فيما تفعل قيادة الإخوان، ربما ذنبهم الوحيد أنهم يؤمرون فيطيعون، وهذه ثقافة مدمرة، تلغى اعتبارات العقل وحسن التقدير، وتدفع للسير كقطيع وراء قيادة مريبة عاجزة، تتحكم فيها نوازع البيزنس، وتحكم بنفوذ الملياردير خيرت الشاطر، وهو ليس أكثر من «زكيبة فلوس»، وبلا كاريزما شخصية، ولا فكر سياسى، ولا تفقه دينى، وكل ما يملكه هو حنفية الفلوس، ومن حوله رجال المليارديرات والمليونيرات، والذين يتحكمون فى توجيه محمد مرسى، ويصرفون الرواتب الشهرية الضخمة لآلاف مؤلفة من المتفرغين فى تنظيم الإخوان، ويقيمون الشركات لأبنائهم وحوارييهم، وخواصهم، ويشكلون طبقة كاملة من أغنياء الإخوان، ويتحكم هؤلاء بدورهم فى فقراء الإخوان، وهم الكثرة الغالبة من أعضاء الإخوان، ويستجلبونهم عند الحاجة للاشتباك مع معارضى الإخوان، يحشدونهم فى الأوتوبيسات عند صلاة الفجر من مدنهم وقراهم الفقيرة، ويصرفون لهم قوت يومهم، ويكلفونهم بالوقوف فى استعراضات شارع، أو الاعتداء على خصوم الإخوان، وعلى نحو ما جرى فى مرات مثيرة ومريرة، لن يكون آخرها ما جرى فى أحداث المقطم، والتى تاه فيها أبناء الإخوان من المحافظات فى الشوارع وشعاب الجبل، ولاقوا من الأذى ما لاقوه، وعلى ظن أنهم يدافعون عن الشريعة، وعن مقر مكتب إرشاد الإخوان، ثم اكتشفوا هول الصدمة، فلم يكن أحد من قادة الإخوان وقتها فى مقر المقطم، فقد أفلتوا بحياتهم وأجسادهم من الصدامات المتوقعة، وأمروا أبناءهم وحوارييهم المترفين بالابتعاد عن خرائط الأحداث، وتركوا للفقراء مهمة حماية مكتب المترفين، وفى ثلاثة أطواق متتابعة، طوق أول من ميليشيا الإخوان، ثم طوق ثان من جنود الأمن المركزى المكلفين من وزير الداخلية المأمور إخوانيا، ثم طوق ثالث تائه فى شعاب المقطم من أبناء الإخوان الفقراء المجلوبين من المحافظات الريفية، وهؤلاء هم الذين دفعوا وحدهم فاتورة الدم، وفى معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فالنوق والجمال وزكايب الفلوس كلها مملوكة لقيادة الإخوان، ومفاتيحها فى يد الملياردير خيرت الشاطر شخصيا.

المقصود ـ إذن ـ بحكم الإخوان ليس كل أعضاء الإخوان، بل قلة فى القيادة تكتنز المال والذهب والفضة، تتعامل مع قواعد الإخوان على طريقة «مقاولى الأنفار»، وهو ما يفسر قولنا ـ غير مرة ـ بأن قيادة الإخوان لا علاقة لها بالشريعة ولا بالإسلام، وحتى لو قضوا حياتهم يطلقون اللحى، ويرددون أراجيز الكهان، فالإسلام ـ فى كلمة واحدة ـ هو العدل المطلق، وهو الفرصة المتكافئة فى الدنيا كأساس للثواب والعقاب فى الآخرة، وقيادة الإخوان، ومليارديراتها، وكهنتها الأغنياء، كل هؤلاء هم الأبعد عن أى معنى أو إيحاء بالعدل، وهم جماعة من سدنة الظلم فى هذا البلد المسكين، فالإسلام لا يقر بثروة إلا أن تكون جاءت من عمل أو ميراث، وهؤلاء ـ فى غالبهم ـ لم يكونوا من الوارثين، فقد كانت أصولهم فقيرة فى الغالب، وليس لهم من عمل منظور يبرر أو يفسر الثروة التى تحصلوا عليها، واكتنزوها لهم ولأولادهم وبناتهم وحوارييهم، وأقاموا بها محلاتهم التجارية المريبة، وحصلوا بها على توكيلات لشركات أجنبية، بعضها يتخصص فى بيع ملابس النساء الداخلية والسوتيانات والمايوهات البكينى، ثم يحدثونك عن الشريعة والحجاب والنقاب، ثم عن مشروع النهضة الذى تحول إلى وهم و«فنكوش» على طريقة فيلم كوميدى شهير للفنان عادل إمام، فلم يبن أحدهم مصنعا واحداً، بل صاروا جميعا من الرأسمالية التجارية الطفيلية، تجمعهم «صلات العروة الوثقى» مع «رأسمالية المحاسيب» التى ازدهرت فى عصر المخلوع مبارك، وتنتقل قيادتها الآن إلى مليارديرات الإخوان، وبالطريقة ذاتها، وهى تحويل السلطة إلى بقرة حلوب، وإلى ماكينة بنك تدر نقوداً، وتستولى على أراض، وتسيطر على أصول، وتساوم أثرياء جماعة مبارك على ما يملكون، ومقابل استثنائهم من الحبس والمصادرة والتنكيل، وزرع أفراد جماعة الشاطر عند المفاصل الكبرى فى جهاز الدولة البيروقراطى، وتمكينهم من مفاتيح السلطة التى تجلب المزيد من المال والأعمال، تضاف إلى مليارات تملكها قيادة الإخوان، ولا يعرف لها مصدر مشروع، وتضاف إلى مليارات تأتى من فوائض خليجية، ومن قطر بالذات، والتى تلعب دور الكفيل للإخوان عند الأمريكان، وتتعهد بضمان حسن سيرهم وسلوكهم، واستعدادهم لخدمة الأمريكان، ومقابل أن تثرى قيادة الإخوان، وتلعب فى مصر أدوار فرعون وقارون وهامان.

قيادة بهذا التكوين لابد أن تدمر نفسها بنفسها، فهى تشكل عنوانا مفزعا للظلم الاجتماعى فى بلد منقسم بحدة إلى أغنى طبقة وأفقر شعب، وقواعد الإخوان المظلومة من الشعب الأفقر الذى تعاديه القيادة بثرائها الفاحش السارق، ثم إن قيادة الإخوان تبدو عاجزة خلقيا، مصابة بشلل سياسى رباعى، لا تعبأ بأمر الدين إلا من زاوية استغلاله ووضعه فى خدمة المال، ولا تعبأ بأمر سبعين مليونا من المصريين تحت خطوط الفقر والبطالة والمرض والعنوسة، ولا تتذكر سوى شهواتها فى الاستحواذ على السلطة والمال، ولا تتصرف كأنها مسئولة عن حكم بلد، بل تتصرف كأنها فازت بورقة يانصيب، أو بإعارة وإغارة على خزائن البلد، تغترف منها كما تشاء، وتكنزه للأولاد والبنات والحواريين والمحاسيب، وتقتطع بعض الفتات ترميه لغالبية المصريين المسحوقة، وفى صورة كراتين الزيت والسكر، أو شوادر اللحوم بالسعر المخفض، والتى تحولت إلى تجارة رابحة للجزارين المحترفين، تماما كتجار أنابيب البوتاجاز الذين عقدوا الصفقات مع سماسرة الإخوان، وكل ذلك قد يزيد فى أرباح قيادة الإخوان التجارية، لكنه لا يستبقى عطفا شعبيا، فالمصريون لماحون وأذكياء، واكتشفوا الخديعة بسرعة، وتبدلت عندهم صورة الإخوانى القديمة، وكرجل متدين وخيّر ومظلوم، وحلت محلها الصورة الواقعية الجديدة للإخوانى، وكرجل متعجرف وغبى وكذاب، وكانت تلك جناية قيادة الإخوان على الإخوان، فقد لجأت لتغطية فشلها المذهل باحتراف الكذب، وإلى درجة أن تحول الكذب - عند قيادة الإخوان ـ من عادة إلى عبادة، وإلى «عجل ذهبى» تعبده قيادة الإخوان من دون الله.

نعم، قيادة الإخوان هى أكبر عدو لحكم الإخوان، وسوف تسقطه بضربة الكذب القاضية، وربما قبل أن تسقطه انتفاضات الثوريين