مافيا ... الفساد المقنن

**نجم اللبان** الأحد فبراير 23, 2014 10:06 pm

• لم يبالغ المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات عندما شبه حجم الفساد المستشري في شرايين الدولة بالإرهاب، ورغم انه ينتمي لفريق السلطة القضائية الرقابية، إلا انه كان شجاعا على غير عادة نظرائه السابقين في الموقع والمكانة، وهو يكشف على الملأ وبكل صراحة مخالفات مئات المستشارين ورجال النيابة للقانون . بعضهم يتقاضى راتبين والآخر يستولى على أراضي الدولة، والثالث يعمل في وظيفة ديكورية ليس لها اي مسمى في هيكل وظائف الدولة ( وكله على قفا الشعب المطحون ).

• وعندما يصل عدد هؤلاء إلى 3906 مستشارين، تقاضوا رواتب ومكافآت تصل إلى 515 مليون جنيه في عامين ماليين فقط ، مقابل أعمال ليست مهمة وغير ضرورية، فان الأمر هنا يحتاج إلى وقفة من رئاسة الجمهورية والأجهزة المعنية تجاه مافيا الفساد المقنن، لمحاسبة من انتفخت جيوبهم ، وتضخمت أرصدتهم البنكية، ورد هذه الأموال المستباحة إلى الشعب؛ ليستفيد منها الفقراء ومحدودو الدخل، عمالا كانوا أو موظفين .
• وعندما يصل الأمر إلى حد تهديد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات (أعلى سلطة رقابية بعد البرلمان ) والعاملين معه؛ لمجرد انهم كشفوا عن استيلاء بعض اعضاء نيابة امن الدولة وهيئة الرقابة الادارية على أراضي الحزام الأخضر بمدينتي الشيخ زايد و6 أكتوبر، فتلك مصيبة كبرى، تؤكد اننا مازلنا نغرق في مستنقع فساد نظام مبارك، وكأننا لم نقم بثورة في 25 يناير ، ولم نلحقها باخرى تصحيحية في 30 يونية .، (وان مصر لم تعد ام الدنيا ولن تكون قد الدنيا ).
• كادت مرارتي تنفجر، وأنا أطلع على حصيلة فساد الجهاز الإدارى في الدولة منذ عام 2011 وحتى الآن ، ففي خلال ثلاث سنوات ذقنا فيها الأمرين ، كان عليه القوم وكبار رجالات الدولة من المستشارين والمحاسيب والمقربين من دوائر صنع القرار يجرفون خزينة مصر، حتى تجاوز حجم إهدار المال العام حاجز السبعين مليار جنيه، في وقت تقترض فيه الحكومة بالمليارات ، وتمد يدها كالمتسولة هنا وهناك .
• إن التستر على أفعال هؤلاء ومن يساندهم ويحمى ظهورهم جريمة كبرى في حق مصر، ولن أطالب هنا بتشكيل لجنة عليا لفحص ملفاتهم ومخالفاتهم، وإنما إحالتهم فورا للمحاكمة حتى يكونوا عبرة لغيرهم، فالدرجة الرفيعة التي يحملونها، والمكانة الكبيرة التي يتسترون خلفها، لم تعد لها قيمتها، فهم واللصوص في هذه الحالة وجهان لعملة واحدة . ولا يليق ابدا بدولة انتهت لتوها من دستور جديد يشتمل على مواد واضحة وصريحة لمحاكمة الفاسدين، أن نجد عضوا في حكومتها يطالب بالتصالح مع بعض أعضاء النيابة والمستشارين، او يحاول استصدار قانون يحفظ به ماء وجوههم، وهم المنوطون بتطبيق القانون على المجرمين والفاسدين، الذين تسول لهم انفسهم سرقة قوت الشعب «المتمرمط» في طوابير العيش وانابيب البوتاجاز.
• العدل ياوزير العدل ان نحاسب ونحاكم لا نصالح ونحفظ ماء الوجه ، فكم من بسطاء وفقراء لا يعيشون في غرف مخملية، ولا يصطافون في مارينا وشواطىء العراة ، ولا يحتالون على ميزانية الدولة، ولا ينهبون أراضيها، يقبعون الآن خلف القضبان لأنهم ارتشوا ؛ ليطعموا بطون ابنائهم الخاوية، ويتمكنوا من تعليمهم في مدارس تتدعى المجانية، او يوفروا لهم ثمن الدروس الخصوصية . فرفقا بمصر وكفانا استخفافا بشعب من حقه ان يحلم بيوم لا يتهم فيه كبار رجال دولته وقضاتها ومستشاريها بالفساد.