عامر.. وكيل النيابة الذي تحول إلى إمبراطور القرى السياحية

منصور عبدالمجيد عامر، واحد من أبرز رجال الأعمال في مصر، وسواء اتفقنا أو اختلفنا معه فإن قصة نجاحه تستحق إلقاء الضوء عليها، حيث بدأ مشواره المهني وكيل نيابة, لكنه ترك النيابة بعد ذلك وعمل مع أبيه في المحاماة, ثم ترك المحاماة وافتتح مطعمه الأول من سلسلة مطاعم تشيليز, وبعدها دخل مجالات الإسكان والسياحة في الغردقة وشرم الشيخ والساحل الشمالي (مارينا), واستطاع أن يحول الصخور إلى منتجعات سياحية تغزو محافظات مصر, ويعمل بها عشرات الآلاف من المصريين.

حلم السلك القضائي
ولد منصور عامر لأسره ثرية, فوالده هو المحامي الكبير عبدالمجيد عامر, نشأ الابن على طموح أن يصبح مثل والده، ولذلك عندما أنهى دراسته الثانوية قرر الالتحاق بكلية الحقوق, وكان ذلك في منتصف فتره السبعينيات, ولكن بعد أن حصل على الليسانس تغير الحلم من العمل بالمحاماة إلى السلك القضائي, وهو ما حدث بالفعل, حيث تم تعيينه وكيل نيابة, وكان ذلك عام 1981, وكان أول راتب يتقاضاه هو 200 جنيه، ويقول هو عن ذلك: «لم يكن الراتب يكفيني, حيث كان والدي يرسل لي مبلغا ماليا في ظرف في نهاية كل شهر».

حلم الثراء
بعد 6 سنوات ونصف السنة من العمل في النيابة قرر عامر الاستقالة من منصبه لعدة أسباب, كان أهمها أن الراتب لا يوفر له الحياة التي كان يحلم بها, خاصة أن أعضاء السلك القضائي لا يجوز لهم ممارسة أي عمل آخر, بالإضافة إلى أنه كانت لديه طموحات وأحلام أخرى. بعد الاستقالة طلب منه والده العمل معه في مكتب المحاماة وإلا سيضطر إلى إغلاقه, خاصة أن العمر كان قد تقدم به, فرضخ الابن لطلب أبيه, حيث عمل معه لمدة عامين, وكان متميزا في المحاماة الجنائية، وفي تلك الفترة اقترح على أبيه إنشاء مصنع للطوب الإسمنتي, فوافق الأب واستمر المصنع لمدة 4 سنوات كاملة, حقق من خلاله أرباحا جيدة.

الاستثمار في العقارات
بعد ذلك قام عامر بالاستثمار في النشاط العقاري, حيث قام بشراء الأراضي وبنائها ثم بيعها مرة أخرى, واستطاع أن يحقق من ورائها أرباحا طائلة, ونتيجة لذلك كان عليه أن يختار بين المحاماة والبيزنس, فاختار البيزنس, حيث أخبر والده أنه اعتزل المحاماة نهائيا، بعد ذلك قرر عامر أن يوسع من سلسلة نشاطاته, حيث اتجه إلى مجال المطاعم, حيث افتتح سلسله مطاعم تقدم خدمات متكاملة وهي مطاعم «تشيليز» وفتح مطاعم أخرى في القاهرة.

إمبراطور القرى السياحية
بعد ذلك توجه عامر إلى الاستثمار في مجال القرى السياحية, فقام ببناء مشروع «بورتو مارينا» وكان هذا المشروع فريدا من نوعه في المنطقة العربية ككل، فهو المشروع الأول في منطقة العلمين، فمن المعروف عن المنطقة انتشار الفيلات السياحية فيها, التي يتم تأجيرها للزوار موسميا. كما كان يعتبر فندق «موفنبيك» الفندق الوحيد فيها, إلى أن قام عامر بإنشاء «بورتو مارينا» الذي ساعد على تطوير المنطقة التي تتمتع بشواطئ رملية رائعة، وتعتبر بورتو مارينا مدينة متكاملة, وليست مجمعا للفنادق الراقية والأجنحة الرئاسية الفارهة، بل هي أشبه بنظام ترفيهي يقدم لكل سائح مهما كانت هواياته برنامجا خاصا به دون سواه. وقد تأهلت المنطقة بذلك لتصبح من بين المناطق التي تحظى بمشاريع ضخمة تتعدى استثماراتها مليارات الدولارات.
كما استثمر عامر قطعة أرض بمساحة 30 كيلومترا مربعا في منطقة العلمين، كانت مليئة بالألغام, تم تنظيفها بالكامل لتصبح جاهزة لبناء أرقى المشاريع السياحية والعمرانية. وبعدها أنشأ عامر 275 غرفة فندقية على مساحة 100 ألف متر مربع في القرية النوبية في فترة لم تتعد 188 يوما.

ميناء خاص
لم يتوقف طموح عامر عند تلك المشاريع, بل ذهب إلى أبعد من ذلك فحصل على تصريح وترخيص من السلطات المختصة لإنشاء مرفأ دولي لاستقبال اليخوت ضمن مشروع «بورتو مارينا» لاستقبال السياح القادمين عبر البحر، إذ إن المنفذ البحري الوحيد في المنطقة هو ميناء الإسكندرية الذي يستقبل جميع أنواع السفن بما فيها السفن التجارية.

العين السخنة
كما قام عامر بإنشاء مشروع العين السخنة في منطقة قناة السويس, والذي تم إنشاؤه على قمة أحد جبال المنطقة، مما اضطر القائمين على المشروع لبناء مصعد كهربائي (تلفريك) خاص للوصول إليه, وكان أول مصعد كهربائي جبلي من نوعه في مصر.

بورتو كايرو
ومؤخرا قام عامر بافتتاح بورتو كايرو, الذي يعد أحدث المجمعات السكنية ذات المستوى الراقي في مصر, حيث أنشئ على الطراز الأوروبي من أجل خدمة الصفوة في مصر, والباحثين عن السكن الراقي في مجتمع مثالي, حيث يحتوي على كافة الخدمات ووسائل الرفاهية الحديثة لسكانه، ويقع بورتو كايرو في منطقة القاهرة الجديدة, وهي واحدة من أكثر المناطق المفضلة في المدينة، وتبعد 10 دقائق عن مصر الجديدة، ويقع البورتو على مساحة كبيرة تقدر بنحو 70000 متر مربع مع 10000 متر مربع من المياه التي تحيط بها المساحات الخضراء والمعالم المعمارية.

مشواره السياسي
في عام 2000 قرر عامر الترشح لمجلس الشعب عن دائرة القناطر الخيرية, واستطاع أن يفوز بعد ذلك في انتخابات 2005 و2010، ويعترف عامر أنه أخطا عندما قرر دخول مجلس الشعب وانضم للحزب الوطني المنحل, لأن مجال البيزنس مختلف عن مجال السياسة, ومن الخطأ أن يحدث خلط بينها.

نشاطه الخيري
أما عن نشاطه الخيري فإسهاماته كانت كثيرة, حيث قام بإنشاء مؤسسة عامر الخيرية, والتي تهدف إلى تقديم خدمات تعليمية من خلال مساعدة طلبة الجامعات بصورة شهرية وطوال المرحلة الجامعية, تشجيعا لهم على مواصلة الدراسة في ظل الظروف المعيشية الصعبة، إضافة إلى إعداد فصول التقوية لطلبة الشهادة الابتدائية والإعدادية، ويضاف إلى ذلك تقديم خدمات اجتماعيه من خلال تقديم المساعدات للفقراء والأيتام، وتقديم بعض الأجهزة التعويضية للمحتاجين. وتقديم بعض المساعدات الإنسانية للحالات التي تستدعي ذلك, وإقامة مكاتب تحفيظ القرآن الكريم.

رؤيته للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة
يرى عامر أن الاقتصاد المصري قوي جدا، وأن مصر دولة غنية للغاية، وأن الدولة قادرة على إسعاد شعبها بطريقة غير عادية، خاصة أن مصر لديها قدرات عظيمة جدا يجب استغلالها, ولكن يجب على القوى السياسية والمعارضة التوقف عن التخوين وإعطاء فرصة للحكومة حتى تعود عجلة الإنتاج، أما بخصوص الأزمة الاقتصادية الراهنة فالحل يكمن في استصلاح 9.5 مليون فدان زراعي, بالإضافة إلى إنشاء 15 مدينة سياحية جديدة, ومناطق حرة بشرم الشيخ والغردقة, بالإضافة إلى إنشاء موانئ ومطارات جديدة, وهذا كله سيوفر نحو 26 مليون فرصة عمل, وسيؤدي إلى زيادة في الصادرات, وتراجع في الواردات, وتحسين سعر العملة.