صرخة. فى زمن الصمت. بكلمه حق.من الثائر نجم اللبان. فى زمن خرصت فيه الالسنه.عن قول الحق
مرحبا بكم فى موقع صرخة فى زمن الصمت نتشرف بمساهماتكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

صرخة. فى زمن الصمت. بكلمه حق.من الثائر نجم اللبان. فى زمن خرصت فيه الالسنه.عن قول الحق
مرحبا بكم فى موقع صرخة فى زمن الصمت نتشرف بمساهماتكم
صرخة. فى زمن الصمت. بكلمه حق.من الثائر نجم اللبان. فى زمن خرصت فيه الالسنه.عن قول الحق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يوليو 2012 23 فارس الديمقراطية خالد محيى الدين آخر العنقود فى مجلس قيادة الثوة

اذهب الى الأسفل

 يوليو 2012 23 فارس الديمقراطية خالد محيى الدين آخر العنقود فى مجلس قيادة الثوة Empty يوليو 2012 23 فارس الديمقراطية خالد محيى الدين آخر العنقود فى مجلس قيادة الثوة

مُساهمة  نجم اللبان السبت أبريل 12, 2014 11:57 pm

....فارس الديمقراطية خالد محيى الدين آخر العنقود فى مجلس قيادة الثورة
قبل سنوات معدودة فقط انسحب «خالد محيى الدين» أصغر أعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو 1952 وآخر من تبقى منهم على قيد الحياة من الساحة السياسية. مخلفا تاريخا حافلا ومثيرا للجدل. «خالد» الذى يبلغ بعد أيام عامه التسعين ـ متعه الله بالصحة والعافية ـ لم يتول منصبا وزاريا أو يحصل على «قلادة النيل» كالعديد من أقرانه فى قيادة الثورة، مع انه كان من بين ستة هم من شكلوا فى نهاية عام 1949 الخلية الأولى لتنظيم الضباط الأحرار (جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر وعبدالمنعم عبدالرؤوف وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم وهو). كما أن الإجتماع الحاسم فى 22 يوليو 1952 لوضع خطة التحرك التنفيذية انعقد فى منزله هو. وفضلا عن ذلك فقد كان له دوره الميدانى المقدر فجر 23 يوليو حين قاد الصاغ (الرائد) «خالد محيى الدين» وحدات من سلاح الفرسان (المدرعات لاحقا) ليقطع الحركة عن شارع «الخليفة المأمون»، ويعزل المنطقة العسكرية عن حى مصر الجديدة. وليساهم فى حصار مقر قيادة الجيش، فيما كان رفيقه البكباشى (المقدم) واليسارى التوجه هو الآخر «يوسف صديق» قد سبق بسويعات الى الاستيلاء على هذا المقر.
- مفارقات حول الديمقراطية
ويصدق قول الراحل «أحمد حمروش» مؤرخ ثورة يوليو من داخل الضباط الأحرار فى الجزء الأول من كتابه «قصة ثورة يوليو»: «لم تكن 23 يوليو انقلاب جنرالات وإنما كانت حركة ضباط صغار»، وعلى عكس ما كان ملموسا فى الوطن العربى قبل عام 1952. ولا يختلف كثيرا «خالد» صاحب الثلاثين عاما عند قيام الثورعن رفاقه من اعضاء مجلس قيادة الثورة فى العديد من الأمور. نعم كان أصغرهم سنا. لكن باسثناء «اللواء محمد نجيب» المولود عام 1900 فان أكبر أعضاء المجلس كان يسبقه بـ 12 عاما ليس إلا. وهو إبن لأسرة من أعيان الريف. لكنه تماما كباقى أعضاء المجلس والضباط الأحرار لم تخضع اسرته لقانون الإصلاح الزراعى وحد الملكية الذى لا يتجاوز المائتى فدان. وكان «خالد» من بين رفاقه الذين إحتكوا بطيف من القوى السياسية الجديدة فى مصر الأربعينيات قبل أن يجدوا طريقهم الى التغيير من خلال قوة الجيش وبالتمرد على الملك والطبقة السياسية التقليدية، فاقترب من «مصر الفتاة» وجماعة «الإخوان المسلمين» نهاية بحركتى «إسكرا» فـ«حدتو» الشيوعيتين. لكنه يقينا تميز عن رفاقه هو وجمال عبدالناصر بهذا الولع بالقراءة وبالاطلاع على الثقافة السياسية خارج مصر. لكن ميزه عن رفاقه من قيادة الضباط الأحرار الشابة ـ بمن فيهم عبدالناصر نفسه ـ أنه عاش الحياة الجامعية المدنية عندما درس فى كلية تجارة القاهرة إعتبارا من عام 1947 وتخرج فيها عام 1951.
المفارقة عند تأمل سيرة حياة خالد إن الرجل استمر فى العمل السياسى والعام خلال عقود الرؤساء الثلاثة «عبدالناصر» و«السادات» و«مبارك»، مع انخفاض اسقفها الديموقراطية، فيما كان قد إتخذ موقفا مبدئيا قاطعا الى جانب خيار عودة الحياة النيابية والجيش الى ثكناته مبكرا وفى عام 1954. وهو الموقف الذى دفعه الى الاستقالة نهائيا من مجلس قيادة الثورة فى 2 إبريل من هذا العام، ثم الى المنفى. استمر «خالد» حاضرا مع فقر السياسة فى مصر وجفاف بحارها عضوا عن «كفر شكر» فى مجلسى الأمة فالشعب حتى عام 2005 وفى رئاسة حزب «التجمع» حتى عام 2003. والطريف اننى فى فبراير عام 1985 التقيته فى سياق تحقيق صحفى عن مرحلة ما بعد الزعيم وأزمة الجيل الثانى فى قيادة أحزاب المعارضة (نشرته مجلة اليوم السابع الباريسية فى 25 فبراير من هذا العام) وقال حينها ـ وهو يقترب من عامه الثانى والستين ـ انه كان يتمنى الا يجدد فترة رئاسته للحزب إلا ان زملاءة اقنعوه بالاستمرار مدة أخرى هى خمس سنوات. لكنه بالفعل استمر الى ما بعد الثمانين من عمره.
- أزمة مارس 1954
يرتبط اسم «خالد محيى الدين» عند التأريخ لثورة يوليو بأزمة مارس 1954 وبالانحياز الى عودة الديمقراطية والحياة النيابية والجيش الى ثكناته. وبصرف النظر عن تفاصيل ماجرى من أحداث وقرارات وتراجعات سريعة ومتلاحقة، فقد وجد الرجل نفسه فى ليلة 26 فبراير مرشحا من رفاقه فى مجلس الثورة لرئاسة الوزراء ومكلفا بإعادة الحياة الديمقراطية. وفى الصباح التالى مباشرة ملعونا منهم ومدفوعا الى الاستقالة. وبين هذا وذاك مجرد ساعات لا أيام. ولعل «خالد» نفسه قد امسك بجوهر التناقض حين كتب بأسى بعد نحو أربعين عاما من هذه الأزمة فى مذكراته المعنونة بـ«والآن أتكلم» عن مستشارى السوء من خبراء القانون الدستورى والرموز المدنية الليبرالية التى زينت لزملائه الضباط فى مجلس القيادة ضرب الديمقراطية. لكن الأهم فى هذا السياق أن تجد مصر نفسها مجبرة على أحد خيارين، وكأنه لا يمكن الجمع بينهما: إما الديمقراطية أو إستمرار الثورة. وفى المذكرات نفسها إشارة عابرة الى شقيقه «عمرو محيى الدين» الطالب بكلية حقوق القاهرة وقتها وعالم الاقتصاد الجليل لاحقا. وقد قادتنا هذه الاشارة الى لقائه فى منزله بحى المهندسين. وقال لنا أن أحد تداعيات أزمة مارس كان اعتقاله مع عدد من الطلاب والساسة المنادين بعودة الديمقراطية. وقتها كان «عمرو» منتسبا لحزب «مصر الفتاة» قبل ان ينتقل الى اليسار. قال: «اصطدم مجلس قيادة الثورة بجبهة وطنية واسعة تضم الوفد ومصر الفتاة والإخوان والشيوعيين من أجل عودة دستور 1923 وشن حملة اعتقالات. وكنت حين اختفى خالد لفترة قبل نفيه الى سويسرا قد خطبت فى طلبة الجامعة محملا زملاءه من العسكريين المسئولية عن حياته وسلامته. وقبل ان يسافر خالد من مصر وعده عبدالناصر بالإفراج عنى. لكننى بقيت فى الاحتجاز من مارس الى سبتمبر 1954 متنقلا من سجن القلعة الى السجن الحربى على ذمة التحقيقات فى قضية (الجبهة الوطنية) هذه ومتهما بالسعى لقلب نظام الحكم».
ومن مفارقات القدر ان «عمرو محيى الدين» وكما روى لى تحول الى اليسار وهو فى السجن على أيدى «عبدالمجيد أبوزيد» أحد قادة تنظيم «طليعة العمال والفلاحين» المنافس والناقد للتنظيم الأكبر فى الحركة الشيوعية وقتها «حدتو». كما تعرف فى السجن أيضا على البكباشى «يوسف صديق» المعتقل حينها لموقفه المبكر من عودة الديمقراطية، وحيث كان قد استقال من مجلس قيادة الثورة قبل خالد بنحو عام كامل. وقال لى الدكتور «عمرو»: «فى العديد من المواقف داخل السجن دافع (صديق) عنى و اسبغ حمايته على». لكن ثمة مسافة من التباعد والجفاء يلحظها قارئ مذكرات «خالد محيى الدين» إزاء «يوسف صديق»، وذلك على الرغم وحدة موقفهما داخل مجلس قيادة الثورة من الديمقراطية وعودة الجيش الى ثكناته، فضلا عن تميزهما بالانتماء الى اليسار وقربهما من حركة «حدتو». ولا يكفى لتفسير هذا التباعد ما دونه «حمروش» فى كتابه بأن «يوسف صديق أكثر صراحة وانفعالا فيما كان خالد محيى الدين أكثر هدوءا ومرونة».
- من قسوة المنفى الى تجربة «المساء»
تجربة «خالد» فى المنفى بسويسرا بين عامى 54 و1955 كانت شديدة القسوة والوطأة. وفى مذكراته صفحات حزينة موجعة عن هذه الأيام. ولعل فى هذه التجربة ما قد يفسر تمسكه بالعمل السياسى العام فيما بعد وتحت أى سقف وظرف كان. وتلخص عبارة الدكتور «عمرو» هذا الدرس بقوله: «قرر خالد بعد سماح عبدالناصر بعودته الا تتكرر تجربة المنفى مرة أخرى أبدا. وطالما قال لى: سجن سنة أهون من نفى يوم واحد».ويضيف: «كان بامكانه طلب اللجوء السياسى فى سويسرا. لكنه لم يفكر فى هذا الخيار أبدا. كانت عينه على مصر وقلبه وعقله لم يغادرانها أبدا».
لكن ثمة ملابسات موضوعية أخرى تفسر المسار الذى إتخذه «خالد» بعد عودته آملا فى بناء جبهة وطنية بين اليسار و«عبدالناصر» على وقع خطوات زعيم مصر فى بناء الاستقلال الوطنى والعدالة الإجتماعية ومن مؤتمر باندونج و صفقة الاسلحة التشيكية عام 1955 الى تأميم القناة فى العام التالى. ولحسن الحظ لدينا شهادة سجلناها للمفكر الراحل «لطفى الخولى». قال: «فور عودة خالد الى مصر صارح عبدالناصر برغبته فى ان يلتقى ويحاور كافة شيع اليسار والتنظيمات الشيوعية. وكان من حسن حظى أننى رافقته فى معظم هذه اللقاءات خلال عامى 55 و1956». ولعل من نتائج هذه التحولات تجربة تأسيس «خالد» لجريدة «المساء»، والتى ظل يرأس تحريرها حتى عام 1959 كمنبر لحوار اليسار مع نظام عبدالناصر والإئتلاف حول التوجهات الوطنية والإجتماعية التحررية المشتركة.
وبالعودة الى العدد الأول من جريدة «المساء» الصادرة عن دار التحرير فى 6 أكتوبر 1956 يتبين غلبة الخط الوطنى المعادى للإستعمار. فقد جاء المانشيت الرئيسى بعنوان: «دالاس يهاجم مصر»، و«دالاس» هو وزير الخارجية الأمريكى وقتها. والى يسار المانشيت إفتتاحية بقلم «خالد محيى الدين» نفسه بعنوان «من أجل ان تصدر المساء»، تؤكد «صيانة الاستقلال الوطنى والنضال المشترك ضد الاستعمار». وفى العدد الثانى للصحيفة الوليدة حوار أجراه «خالد» مع الرئيس «عبدالناصر» يتركز على التداعيات الدولية لقرار تأميم قناة السويس.وثمة فى أعداد الجريدة الأولى خطاب قومى عربى معاد للاستعمار ومنحاز لقضايا الشعوب، وإن إختفت قضية الديمقراطية السياسية. وليس خافيا ان تجربة «خالد» المتميزة فى «المساء» سياسيا ومهنيا وماصحبها من أقلام مبدعة شابة يضيق المقام عن ذكرها هنا قد انتهت بالصدام بين اليسار و«عبدالناصر» على خلفية الخلاف بشأن إنقلاب «العقيد عبدالوهاب الشواف» على ثورة «عبدالكريم قاسم» فى العراق. وهوالصدام الذى دفع ثمنه اليساريون نحو خمس سنوات فى المعتقلات والسجون القاسية منذ فجر اليوم الأول فى عام 1959. لكن يلفت النظر فى تجربة «المساء» ماذكره «خالد» فى ختام مذكراته «والآن أتكلم» حين أورد نص حوار بينه وبين «عبدالناصر» يستفاد منه أن الجريدة أريد لها ان تكون منبرا يساريا «معتدلا» وأن تكون محدودية التأثير والإنتشار. لذا كانت مسائية.
- «ألو. زغلول هنا»
ولقد كان مقدرا ان يقوم «خالد» بكتابة الجزء الثانى من مذكراته بداية بتجربة جريدة «المساء» وأن ينشرها فى منتصف عقد التسعينيات. لكن لاسباب غير معلومة لم يسجل شيئا يذكر من هذه المذكرات، وذلك وفق ما تقصيناه من مصادر موثوقة بينها صديقه المقرب منذ منتصف عقد الستينيات وخليفته فى رئاسة حزب «التجمع» الدكتور «رفعت السعيد». لكن الثابت والمسجل فى الأرشيفات وذاكرة معاصريه أن «خالد» اتخذ طريقه الى عضوية مجلسى الأمة فالشعب عضوا منتخبا من أبناء دائرته «كفر شكر» منذ عام 1957 وحتى عام 2005، وذلك باستثناء برلمان (1979 ـ 1984) حيث جرى تزوير الإنتخابات واسقاطه مع 14 من معارضى إتفاقات «كامب ديفيد» مع إسرائيل. وربما ساعدت الصداقة والإحترام الممتدان منذ ماقبل الثورة مع "عبدالناصر" فى أن ينجو «خالد» من الإعتقال والسجون وهو الذى أشار الى عمق هذه الصداقة فى كلمة نشرتها له صحيفة «الأهرام» فى 30 سبتمبر 1970 بعد رحيل عبدالناصر بيومين فقط. وقد وصفه فيها بأنه «جمال الصديق ورفيق النضال» و«الأكبر من كل الكلمات». ودلائل الصداقة والتقدير بين الرجلين عديدة. ويكفى أن نشير الى ان «عبدالناصر» أطلق على ابنه الأول اسم «خالد» وأن «محيى الدين» اطلق على اكبر قاعة بحزبه «التجمع» اسم «عبدالناصر». ويكشف الدكتور «رفعت السعيد» هنا لنا عن أن خطا هاتفيا ساخنا أقامه «عبدالناصر» مع «خالد»، وأن كلمة رمزية كان يبدأ بها الأخير حديث الهاتف مع الأول وهى: «ألو. زغلول هنا».
لكن «خالد» أريد له مع كل هذه الصداقة ورغم ثقافته السياسة الأوسع والأهم بين أقرانه فى مجلس قيادة الثورة ألا يتقلد أيا من مناصب الصفوف الأولى. فهو أبدا لم يصبح رئيسا لمجلس الأمة كزميليه «أنور السادات» و«عبداللطيف البغدادى». كما أنه لم يصبح يوما ما نائبا لرئيس الجمهورية كالعديد من رفاقه من قادة يوليو. ولم يتول قط منصبا وزرايا أو تنفيذيا رفيعا. فقط وبالكاد شغل على نحو قصير ومتقطع فى عمر الزمان مواقع من قبيل رئاسة مجلس إدارة «أخبار اليوم» من 30 سبتمبر 1964 و لعدة أشهر حتى وقع الصدام مع الأستاذ «محمد حسنين هيكل» وإنحاز «عبدالناصر» للأخير. وكذا مسئولية امانة شئون الصحافة بالإتحاد الإشتراكى فى ديسمبر عام 1964، وقبل ان ينتقل الى رئاسة مجلس السلام العالمى عام 1965، وحتى قام الرئيس «السادات» بحل الفرع المصرى للمجلس فى ديسمبر 1977، بعد رفض «خالد» زيارته الى القدس فى الشهر السابق لقرار الحل.
إجمالا لم يستطع «خالد» رغم مكانته ودوره التاريخى فى الثورة وثقافته السياسية المميزة أن يصل الى الصفوف الأولى فى الاتحاد الاشتراكى التنظيم السياسى الوحيد من 1964 الى 1977. وحتى عندما ترشح من موقعه فى اللجنة المركزية الى اللجنة التنفيذية العليا بعد إصلاحات بيان 30 مارس 1968 أحكم من اسماهم «السادات» فيما بعد بـ«مراكز القوى» القبضة على الإنتخابات. ولم يحصل «خالد» إلا على 20 صوتا لم تؤهله للانضمام الى عضوية «التنفيذية العليا»، بينما جاء «على صبرى» فى المركز الأول بـ134 صوتا. ومن مفارقات سيرة حياته أن «السادات» وضعه رهن الإقامة الجبرية لعدة أسابيع إثر إنقلاب 15 مايو 1971 الذى اسماه بـ«ثورة التصحيح» ضد من تآمروا على اقصاء «خالد» نفسه قبلها بنحو ثلاث سنوات.
ولكن عندما إتجه «السادات» الى تعددية حزبية شكلية مقيدة بإقامة المنابر الثلاث (اليمين والوسط واليسار) داخل الإتحاد الإشتراكى عام 1976 فالأحزاب عام 1977 سمح «لخالد» برئاسة المنبر اليسارى فحزب «التجمع» بعدما قام المؤسسون بانتخابه. وهنا يقدم الدكتور «رفعت السعيد» تفسيره لما يعتبره البعض قبولا بالعمل السياسى تحت الأسقف المنخفضة وعسكرة لقيادة المنابر فالأحزاب حيث تولى رئاسة الأحزاب الثلاثة الأولى رجال من المؤسسة العسكرية والشرطية (مصطفى كامل مراد لمنبر اليمين فحزب «الأحرار» و ممدوح سالم لمنبر الوسط فحزب «مصر»). يقول الدكتور السعيد: «كان لدى خالد نظرية تقوم على قبول ما هو متاح لكنه لايقبل الخضوع أبدا لما يجرى فرضه ولايتنازل بما يؤذى ضميره».ويوضح قائلا: «كان دائما لديه الاستعداد للاستقالة كما حدث فى تجربة أخبار اليوم». ويتذكر هنا ان برنامج منبر اليسار عند تأسيسه تضمن نصا بحق الإضراب عن العمل، وأن «السادات» طلب من «خالد» الغاء هذا النص. لكنه رفض وأصر على ان اى تغيير هو مسئولية السكرتارية العامة للمنبر. وبدورها تمسكت بالنص. وهكذا بدأ ضرب السلطة مبكرا فى المنبر فحزب التجمع و«خالد». ولما سألته ألا ترى فى قبول «خالد» العمل تحت الأسقف المنخفضة برجماتية ما، أجابنى الدكتور «السعيد» قائلا: «البرجماتية أن تتنازل عن المبادئ والمواقف. وهو كان يقبل الموقع والمسئولية من دون أن يتنازل عن المبادئ». وفى سياق الكشف عن الوقائع التاريخية يضيف لنا «السعيد»: «عند طرح فكرة اقامة منبر لليسار داخل الاتحاد الاشتراكى اتجه السادات الى الكاتب الأديب عبدالرحمن الشرقاوى لتولى رئاسته وبدوره فاتح مجموعة اليسار فى مجلة روزاليوسف. لكن فجأة قرر السادات عسكرة المنابر واستدعى خالد وعرض عليه الفكرة. وقال له: أنا عايز منبر ماركسى. لكن خالد تمسك بمنبر مفتوح لكل فصائل اليسار ولم يقع فى مصيدة السادات بأن يحصل على منبر ماركسى بمثابة لوحة (نيشان) للهجوم على اليسار». ويعود «السعيد» ليستدرك قائلا: «كان خالد واعيا بحكاية عسكرة المنابر هذه. وبطبيعته هو يرفض العقلية العسكرية الآمرة. وفى إجتماعات الأمانة العامة للحزب احيانا ما يكون هو بين الأقلية ويتقبل بنفس راضية نتيجة التصويت ويلتزم بها».
- ثمن معارضة الرئيس السادات
واقع الحال أن حزب «التجمع» عانى فى السنوات الأولى لنشأته من هجوم عدائى ومعه «خالد محيى الدين» شنته أبواق نظام السادات وصل الى حد التخوين والتكفير. ودفع «خالد» وحزبه بحق ثمن معارضة سياسات الصلح مع إسرائيل والتبعية للولايات المتحدة والظلم والتفاوت الإقتصادى وتقييد الحريات، ومن الانتفاضة الشعبية فى يناير 1977 الى كامب ديفيد 1978 ومعاهدة السلام 1979 واعتقالات سبتمبر 1981. لكن بين صفوف الجيل الثالث من الحركة الماركسية فى مصر (الجيل الذى ظهر بالاساس بعد هزيمة يونيو 1967) من إتخذ موقف الرفض من حزب اليسار هذا وإمتنع عن الالتحاق به. ومن بين هؤلاء تحدثنا الى المهندس «أحمد بهاء شعبان» أحد رموز هذا الجيل والحركة الطلابية الشبابية والذى اطلق عليه لاحقا «جيل السبعينيات». قال: «لم انضم الى التجمع لان جيلنا اتخذ موقفه من الأجيال اليسارية القديمة ممثلة فى الحلقة الثانية من التنظيمات الماركسية والتى تعود جذورها الى اربعينيات القرن الماضى. قمنا بادانتها بسبب إقدامها حل تنظيماتها فى عام 1964. وأتهمناها بالتواطؤ مع نظام عبدالناصر. وأعتقد ان عدم انضمامنا الى حزب التجمع موقف متبادل من الجانبين. منا ومن الجيل الذى سبقنا. فلا هم عرضوا ولا نحن فكرنا». ويضيف قائلا: «ومع ذلك استطعت ان اقيم مواقف الحزب المعارضة لنظام السادات بشكل ايجابى». أما موقفه من «خالد» على وجه التحديد فيوضحه قائلا: «أعتقد ان الرجل كان يمتلك مناعة داخلية تحميه من عمليات الافساد المنظم التى طالت أعدادا كبيرة من الوطنيين واليساريين. لكن بالفعل لم تكن هناك مساحة للقاء معه عندما بدأنا فى الوعى والتحرك مع نهاية عهد عبدالناصر ومع فترة السادات. كانت العلاقة محدودة جدا عندما تحركنا كطلاب فى مطلع السبعينيات. وكان وجوده هو فى الاتحاد الاشتراكى هامشيا. لكننى كنت أقدر استقامته ونزاهته الشخصية. وعلى عكس زملاء لى لم أر لاحقا فى (التجمع) حزب السلطة. واعتقد انه عارض النظام فى البداية بشكل مقبول».
على هامش تجربة «خالد» فى حزب «التجمع» هناك ما يستحق التسجيل للتاريخ هنا بشهادة ثلاثة من رؤساء تحرير «الأهالى» جريدة الحزب. وهم «حسين عبدالرازق» (82 ـ 1988) و«حسين شعلان» (92 ـ 1993) و«عبدالعال الباقورى» (93 ـ 1998). قالوا جميعا لنا وكل على حدة بأن «خالد محيى الدين» كان نادرا ما يتدخل فى أعمالهم. والأهم أنه لم يكن من النوع الذى يكترث بنشر صوره الشخصية فى الجريدة وتصريحاته وبطريقة النشر. وهو فى ذلك النموذج الضد لما كان عليه زميله فى مجلس قيادة الثورة «أنور السادات» وفق ما رواه «محمد حسنين هيكل» فى كتابه «خريف الغضب».
- مفاتيح الشخصية
لفهم شخصية «خالد» وسيرة حياته وبخاصة إنحيازه الى الديمقراطية وقبوله بالعمل فى حدود ما أتاحه عبدالناصر فالسادات فمبارك من هامش منقوص يتعين العودة، و كما نصح الأقربون اليه شقيقه «عمرو» ومدير مكتبه بمؤسسة «أخبار اليوم» فخليفته فى الحزب «السعيد»، الى تأثير الطريقة الصوفية النقشبندية عليه منذ الصغر عندما كان يلهو فى تكية جده لأمه الشيخ «عثمان خالد». ويلفت النظر فى هذا السياق الكلمات التى خطها تحت عنوان «البدايات» وبدأ بها مذكراته المنشورة. قال: «بيت شرقى ساحر. فسقية فى منتصف الحديقة الواسعة المليئة بالاشجار والورود والتمر حنة. لم يكن بيتا عاديا إنه تكية السادة النقشبندية. هنا قبر جدى الأكبر لأمى الشيخ الخليفة (محمد عاشق). وهنا أيضا مسجده ودراويش الطريقة». ويضيف شقيقه الدكتور «عمرو»: «رأيى أن الانحياز للديمقراطية والعدالة الاجتماعية يعود الى أسرتنا. نشأنا فى بيت به العطف الكبير على الفقير واختلطنا فى التكية النقشبندية بالدراويش. وذلك فضلا عن دور القراءة والثقافة». أما «السعيد» رفيق الدرب فى النصف قرن الأخير فيقول: «ظل يلازمه منذ الطفولة الإعتقاد بأن خدمة الناس جزء من عبادة الله وأن الله خلقنا لهذا. وحقيقة لم يكن خالد يعرف الكراهية لأحد كان. وهذا وذاك بلاشك تأثير النقشبندية».
ولعل «خالد» كان متحديا للصورة النمطية الظالمة التى حاولت بها السلطات الرجعية وضع اليسار فى تناقض مع الدين. وقد طاله هو شخصيا الكثير من حملات التشهير الجائرة عندما كان يختلف فى السياسة مع الاستبداد فى هذا العصر أو ذاك. وقد لا يعلم الكثيرون أن الرجل كان يترأس بعثة حج مجلس الأمة فى عقد الستينيات، وأنه استقبل المفكر الفرنسى اليسارى «روجيه جارودى» خلال زيارته لمصر فى نوفمبر عام 1969 بعبارة: «المسلم يسعى لتطبيق العدالة الإجتماعية بطرق مختلفة وفق اختلاف العصور. وربما يحققها فى المستقبل عن طريق ما بعد الاشتراكية». ويستحق كتيب أصدره فى نهاية عقد السبعينيات بعنوان «الدين والإشتراكية» الإهتمام لفهم قدرته على الجمع بين الإثنين. ووفق ما قاله فى هذا الكتيب فإن محاولة الفهم الأعمق لكل من الفكر الاشتراكى وتعاليم الدين جعلته يدرك أنه يسير فى طريق واحد لا فى طريقين. وثمة عبارة أخرى فى هذا الكتيب تنطوى على ربط بديع بين الدين والديمقراطية والعدالة الاجتماعية تقول: «إن الدين والقيم الدينية ضرورة لمجتمعنا فهى بما تتضمنه من وازع اخلاقى تقوم على الرحمة والمودة والعدل واحترام الغير وبما تلقنه لجماهير المؤمنين أن لا تخشى إلا الله وحده، وإن أى طغيان أو تحكم انما هو محاولة لمشاركة الله فى جبروته، وان على الإنسان أن يقاوم الظلم والظالمين بيده ولسانه وقلبه».
لكن هل ندم «خالد» على إنحيازه فى عام 1954 الى الديمقراطية وعودة الجيش الى ثكناته؟. الإجابة بحثنا عنها فى كتابه «مستقبل الديمقراطية فى مصر» الذى صدر بعد أزمة مارس بثلاثين عاما (أى فى عام 1984) فجاءت فى قوله: «نكتشف كل يوم بل كل ساعة أن المدخل لكل ازماتنا الاقتصادية والاجتماعية والوطنية يبدأ بحل أزمة ومشكلة الديموقراطية». أما الزميل «حسين شعلان» فقد كشف لنا عن سؤال وإجابة طلب فارس الثورة والديمقراطية عدم نشرهما عندما أدلى اليه بحديث صحفى فى مطلع التسعينيات بمناسبة ذكرى ثورة يوليو.
سأله «حسين»: «لو عادت أزمة مارس 54 الآن وعلى ضوء خبراتك التى اكتسبتها فى هذا العمر هل كنت ستتخذ نفس الموقف؟
فأجاب: نعم

نجم اللبان
Admin

المساهمات : 438
تاريخ التسجيل : 28/03/2009
العمر : 58
الموقع : www.sorakh.yoo7.com

https://sorakh.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى